بنفسج

قصص ترويها النساء في غزة: الحمل والولادة في الحرب والنزوح [2]

الثلاثاء 23 ابريل

عمليات قيصرية دون تخدير كافٍ، سيدات يلدن في دوراتِ المياه، ومن دون أي مساعدات طبية، أو في ملاجئَ قذرة ومكتظة، وخيامٍ باردة. شهادات سمعناها منذُ بدء الحرب، وما زالت تنقلها تقارير أممية، عن الواقع المرير للنساءِ في غزة. معاناة مضاعفة والآم مستمرة تقاسيها النساء الحوامل في قطاع غزة، تشير التقديرات إلى وجود نحو ٥٥ ألف امرأة حامل يعانين آلام النزوح وفقدان الرعاية الطبية ويأملن توقف الحرب قبل وقت ولادتهن.

 انهيار النظام الصحي

بعد حرمان أكثر من 15 عامًا.jpg

أسماء كتكت، من قسم الولادة مستشفى العودة، تقول: "ما في خدمات صحية تُقدّم للسيدات، ما في سيارات إسعاف، والسيدات كن يعانين لاتصال بـ 101 بسبب قطع الاتصالات، فاضطرت الستات أغلب الوقت تجينا مشي على الأقدام حتى في ستات ولدت بالشارع أو في البيوت. كمان موضوع التخدير اضطرينا فترة طويلة بالحرب إننا نعتمد على التخدير النصفي لعدم توفر الأكسجين".

يعلق د. وليد أبو حطب، وهو استشاري نساء وتوليد، فيقول: "منذ بداية العدوان نستطيع أن نجزم بأن الخدمات الصحية المتعلقة بصحة الأمومة والطفولة والحضانة تأثرت بدرجة كبيرة جدًا، بدايةً الرعاية الأولية في متابعة السيدات الحوامل توقفت بالكامل، أيضًا المستشفيات للأسف الشديد نظرًا للعدد الهائل للإصابات وتوافد الكثير من المواطنين واتخاذهم للمشفى كمأوى أدى إلى نقص حاد في عدد الأسرة الآن يعني لدينا سيدات حوامل يحتجن الى الولادة القصيرية على سبيل المثال، ولا نستطيع إيجاد أسرة في حامل استمرار الأوضاع كما هي اليوم ، المنظومة الصحية ستنهار .

تقول إيناس عبيد، وهي نازحة فلسطينية: "أول مرة أنا بجرب الحمل، الحمل كتير صعب على الظروف اللي بنعيشها. أنا بالشهر السابع بخاف بأي لحظة أولد، الله أعلم أنا بكرية، الله أعلم الجنين عندي قالولي نبضه ضعيف، بقول لأني بخاف أولد بالشهر السابع ما كملش بالحمل من الظروف اللي بنعيشها عادي المية فش عنا المية وسخة الأكل كله يعني مش موفر".

روان مشتهى، وهي نازحة تروي قصتها: "أنا اضطريت آجي لمجمع ناصر عشان حالة ميلاد، فقعدت عندهم لمدة عشر أيام بعد عشر أيام قررولي عملية، أنا حامل ب٣ اشخاص إحنا أصلًا ما كنا بدنا نيجي ع مجمع ناصر، بس الظروف إلي خلتنا نضطر لهدا الأمر، لأنه نازحيين من غزة ما عنه مستشفيات كل مستشفياتنا تدمرت خاطرنا بنفسنا، أهالينا مش الكل راح بس أنا وأخويه وجوزي وأمي أجو معي المنظر إلي عبرناه كوحدة مرأة حامل ب٣ أشخاص معرضة نفسي للخطر

كان خوفًا وتوترًا ورعبًا، شايفيين اليهود والطيارات من فوقه، إحنا إيش ذنبنا بهدا الإشي، أبرياء لا ماسكين سلاح ولا إشي إحنا رايحيين حالة ميلاد فهاد كان الأمر مخيف، إجيت هان عييت، صابتني نزلة معوية من ورا الخوف والتوتر، قعدت عالمحاليل والأدوية والإبر وحتى صابتني جلطة، أنا زي تجلطات متوسطة رجلي بطلت أقدر أمشي عليها قبل الميلاد اضطرينا وتحملنا ع هوا ما ييجي موعد الميلاد، رحت بدي أعمل العملية كأنا حالة حامل ب٣ اشخاص ما بزبطش يعطوني بنج نصفي بس لولا العدد والضغوطات والمستشفيات كلها اتدمرت، أجا عدد كبير على مجمع ناصر وبدهم يوفروا

 أنا عن نفسي برضاش برضو أخاطر لشخص تاني فتحملت وقلتلهم آه اعطوني بنج نصفي راضية، والحمدلله تمت العملية ووقفتلي رانيا الدكتورة وكان معاية واقف، الدكاترة ما قصروا، الممرضيين عنجد كانوا كلهم واقفيين معايه، بس عنجد فرحتي مكملتش ولدت من هان بتصلوا علينا بدنا نفرحهم بخبر ميلادنا يعني إلهم بقلولنا أهل زوجك توفوا، هاد أمر صعب يعني بدل ما نفرح ببناتنا إيش ذنب يعيشوا هاي الظروف كان هلكيت إلهم أسرة إحنا جايبين توأم كان بنعمل حفلة وبنجمع العيلة، وكنا أهل زوجي مستنيين بعدوا يوم بيومه وكتيش أولد بس اليهود حرمتنا من كل حقوقنا من الإنسانية من التعاطف إيش ذنبنا إحنا نتحمل كل هاد".

النزيف واستئصال الأرحام 

النزيف واستئصال الأرحام.jpg

تزدحم المستشفيات بالسكان النازحين، المرضى المصابين، ومرضى الجراحة لا يجدون مكانًا يذهبون إليه بعد قصف بيوتهم، نسبة القيصريات زادت في المشافي، ونسبة موت الأجنة "الإجهاض" زادت وتضاعفت ٣مرات، كل الحالات المصابة تشخص على أنها انفصال في المشيمة، تقول إحدى الممرضات: "نفحص الحالات المصابة، نجد الأجنة ميتة في بطن أمهاتها، نجد الأم ميتة والجنين في آخر أنفاسه ممكن نلحقه وممكن لا نلحقه. الحضانة تعاني من نفص الأطباء ونقص الأدوات ونقص الغرف، الولادات المبكرة زادت بنسبة كبيرة، النساء خائفات من الحركة، خائفات من التنقل، خائفات من عدم وجود بيئة مناسبة للولادة، تقول لي أين أذهب إلى الجنوب؟

الجنوب يقصف أيضًا ومستشفيات الجنوب مكتظة بالمواطنين، إن ظلت هنا في غزة يا دكتور تقول أدخلني إلى المستشفى. أقول لها ليس عندي مساحة، حالات الحمل الخطر لا يمكننا التعامل معها، تقول يا دكتور سأظل في المستشفى خوفًا من حدوث طارىء نحن غير قادرين على توفير أي خدمة في المستشفى، المريض نحن نحزن عليه لا نستطيع أن نقدم له خدمة مميزة، صحيح أن المستشفى موجودة ومفتوحة لكن أن تكون الخدمة مميزة صعب الآن ونحن نتكلم الكهرباء مقطوعة يعني لازم أضع أثناء الولادة تخطيط للجنين، ولا أستطيع طيب إذا احتجت شفاط لا أستطيع، يعني مبنى ضخم مثل هذا ولا يوجد فيه كهرباء في غرفة عمليات كلها "يو بي إس"، الأم بعد الولادة تقول أين أذهب يا دكتور؟ بعد الولادة القيصرية أين أذهب؟ لا تستطيع المشي ولا يوجد إسعاف ولا تعلم إن كان منزلها قي قصف".

وغادة أبو عمشة تدلي بشهادتها فتقول: "أنا بقيت حاملة ٣ شهور وبعد ما أجبت هنا بأسبوعين كنت أخبز على النار، صار معي نزيف بالصف، صار معي مغص رحت على الدكتور قلي الجنين ببطنك متوفي".تقول إحداهن: "كنت بدي أولد طبيعي بس ما صار نصيب الحمدلله وتوفى الولد. ولدت قيصري لا أكل زي الخلق ولا شرب ولا فراش ولا أي شي تعبت والله. عند قرب الولادة شقوني ولاقو نزيف على وجه الولد ولقوه متوفي".

تقول ربى الطبري، وهي طبيبة متخصصة في أطفال الأنابيب: "خمسة آلاف جنين مجمد، هدول كان في إلهم أمل كان في إلهم مجال يصيروا أطفال هذا هو الأمل لاطفال غزة للأمهات إلي عم تستنى قاعدة يكون في عندها أطفال هاد كان أملهم حتى هدول الأشياء ما سلمت منهم، ٨ مختبرات أنابيب في غزة إلي أنا شخصيًا بتوقع إنه الكل تدمر والمراكز تدمرت بس إلي أنا شخصيًا وصلني منهم من أصحابهم صور لهاي المراكز مدمرة، هم مركزين مركز البسمة ومركز السراج فيها آلاف العينات المجمدة سواء للزوجات أو الأزواج

 خصوصًا في واحد من المراكز بعتلي إنه عندهم كتير لمرضى السرطان، فهاي كانت أملهم الوحيد وهاي كمان كلها اتدمرت، في عندنا جروب ع الواتساب من كل أنحاء الوطن العربي تقريبًا، حرب أوكرانيا نفس الجروب أجاله صور وأجاله وثائق، إنه عم يحاولوا يحافظوا على هاي الأجنة وعلى هاي النطف، أما في حال وضع غزة كان للأسف التدمير كامل حتى هاي الأشياء ما سلمت".